بحث هذه المدونة الإلكترونية

أعياد الايزيدية..

الديانة الايزيدية واحدة من اقدم ديانات بلاد وادي الرافدين (ميسوبوتاميا) القديمة المتميزة بخصوبة انتاج الديانات كاالسومرية والاكدية والبابلية والاشورية والكلدانية والتي لها علاقات متعددة الجوانب مع الديانة الايزيدية تؤكدها بعض الطقوس والاعياد والاحتفالات الموجودة لدى الايزيدية. فللايزيدية عدة أعياد موزعة على فصول السنة الاربع ولكل واحدة من هذه الاعياد تاريخ محدد ولها معاني ومدلولات خاصة بها ولكل منها طقوس وممارسات ذات معاني ترتبط بالعيد وأسبابه ومناسبة حدوثه ، وهذه الاعياد هي : أعياد فصل الربيع ومهرجاناتها عيد رأس السنة ( سه ر سال ): ويسمى بعيد طاؤوس ملك وعيد ملك الزين (الأربعاء الأحمر), ويعد فاتحة الاعياد والمناسبات وكرنفالات الفرح . يصادف هذا العيد في اول يوم اربعاء من شهر نيسان حسب التقويم الشرقي ( يتأخر التقويم الشرقي ب 13 يوم عن التقويم الميلادي). وتمتد الجذور التاريخية لهذا العيد الى اواخر الالف الثالث ق . م ايام حكم الامير السومري ( كوديه ) حاكم مدينة لكش اذ كانت الاحتفالات تقام في مدينة جرسو لمناسبة زواج الاله ننجرسو بالاله باو التي كانت تحتل مركزا مرموقا وعاليا بحيث اصبح عيدها بداية السنة وكان يعرف بيوم (الزغموكو) لذلك قرر (كوديه) اعتبار الزواج الرمزي بين الهه المفضل ننجرسو بالاله باو يو رأس ، حيث كانت عبادتها منتشرة في كل بلاد سومر واكد والمناطق المجاورة لها ، ومن هنا نشأ عيد رأس السنة البابلية ونشأ معه قدسية هذا اليوم تيمنا بالزواج الرمزي الالهي, وهذا ما يفسر تحريم الزواج في شهر نيسان عند الايزيديين حيث يعتبر (نيسان) عروسة اشهر السنة اذ يظهر فيه انواع الورود والرياحين والحشائش معتقدين ان الارض حبلى هذه الايام لذا لايجوز حفرها لئلا يعتبر ذلك تدخلا في شؤون الله ان كان من قريب او بعيد ، ان المراسيم التي كانت تؤدي في تلك الفترة تطابق مع مايقام عند الايزيدية في عيد رأس السنة .ومن هذه المراسيم : 1- تقام اولى المراسـيم عصر يوم الثلاثاء في معبـد لالش المقدس الذي يعد المعبد الرئيسي للايزيدية حيث يبدأ مع حلول الظلام اشعال القناديل الزيتية ( جرا ) امام ابـواب جميع المزارت في المعبد ومن ثم تصاحبها التراتيل المقدسة التي تمجد رأس السنة وتدعو الى استقبال السنة الجديدة بالضياء تمثلا في اشعال القناديل .2- على كل اسرة ايزيدية ان تجمع عددا من البيض كي يتم سلقه ويلون بعدة الوان يوم الثلاثاء الذي يسبق يوم العيد .3- تقوم كل عائلة بنحر ذبيحة ويعدون الخبز المدمس بالسمن يسمى ( صه ووك ) ويقوم احدا افراد الاسرة الصغار بتوزيع الخبز واللبن على عدد من عوائل القرية وهؤلاء لايعودون فارغي اليدين بل يحملون ما يعطى لهم من البيض والحلوى .4- في صباح العيد و قبيل الفجر يتوجه افراد العوائل الى المراعي لقطف وردة نيسان (شقائق النعمان ) واللعية وهو نبات اخضر يكثر في بداية شهر نيسان ومن ثم تعجن الطين وتثبت الورود واللعية سوية مع قشور البيض على ابواب الدور والغرف مشكلة اللون الاحمر والاخضر والاصفر والبنفسجي وغيرها من الالوان التي تتلون بها البيض دلالة على احتواء شهر نيسان وتعدد الالوان فيه .5- تبادل وتقديم التهاني والزيارات بين الناس وممارسة اللعب المختلفة بالبيض بعد الاتفاق على طريقة اللعب .7- تقوم النسوة بزيارة القبور ويحملن معهن الاكل والبيض والفواكه ويقومون بتناول الطعام في المقابر بالاشتراك ترحما على ارواح الموتى. ويقوم الفلاحون بزيارة مزروعاتهم ومباركتها بنثر قشور البيض .وبعد يومين من عيد رأس السنة أي يوم الجمعة، تبدأ مهرجانات فصل الربيع (الطوافات جمع طواف) وتنتهي عند نهاية شهر حزيران وكل مهرجان خاص بقرية من قرى الايزيدية, و كلمة طواف مشتقة من كلمة ( التطواف ) وهي عادة قديمة لدى العديد من الشعوب حيث كان التطواف حول المعابد والمزارات من التقاليد المعروفة انذاك. ان طوافات الايزيدية عبارة عن احتفالاات دينية شعبية وهي تعبير عن الفرح والتقدم بالشكر لله عز وجل على الخيرات التي بدأت تمتلىء بها الحقول والمزارع ، وهذه الاحتفالات تعبر عنها بـ ( الدبكات) التي يتميز بها الايزيديون بمصاحبة ( الطبل والزرنا ) في كافة القرى والمناطق الايزيدية .عيد فصل الصيف ويسمى بعيد أربعانية الصيف حيث يصوم رجال الدين الايزيديون اعتباراً من 13 حزيران الى 20 تموزالشرقي (25-6 – 3-8 ميلادي حيث يصادف العيد). عيد الجماعية وهو من أعياد فصل الخريف ويعد اطول الاعياد الايزيدية قاطبة وتستمر لمدة سبعة ايام اعتباراً من 23 ايلول الى 1 تشرين الاول الشرقي (من 6- 14 تشرين الاول الميلادي). ويتضمن هذا العيد العديد من الطقوس والمراسيم التي تقام في معبد لالش النوراني, واهم هذه المراسيم والطقوس هو طقس (الصما) وطقس (القاباغ) . ان التعمق في تحليل وتفسير مراسيم عيد ( الجما ) تبين عمق العلاقة بين طقس ( القاباغ ) وما ورد في ملحمة كلكامش التاريخية, تتضمن مراسيم طقس ( القاباغ ) جلب الثور من معبد لالش ( كًاي كوش) الى معبد شيخ شمس من قبل مجموعة من الرجال من ثلاثة عشائر ايزيدية (القائدي – الماموسي – الترك) يتقدمهم رجال الدين وعلى انغام الموسيقى الدينية (الدف والشباب), ويتم ذبح الثور هناك ومن ثم طبخ لحمه في طبخة (السماط) المقدسة لكي يتبرك من يتناولها. لينتهي بذلك القحط والجفاف الذي يعاني منه الخلق طيلة فصل الخريف الاصفر . ولتعاد الحياة الى الطبيعة ثانية بامطار الشتاء. أعياد فصل الشتاءعيد صوم ايزيد ، الصوم يصادف اول ثلاثاء واربعاء وخميس من شهر كانون الاول الشرقي . ويصادف العيد في يوم الجمعة, يبدأ الصوم في وقت متأخر من الليل قبل حلول الفجر والفطور ايضا بعد غروب الشمس وحلول الظلام ويمتنع الصائم من تناول اي شىء وكذلك ألأبتعاد من الملذات بكل اشكاله. عيد أربعانية الشتاء ، يسبق العيد صوم رجال الدين اعتباراً من 13/كانون الاول-20/كانون الثاني الشرقي (26/كانون الاول-4 شباط الميلادي). ويتخلل اربعانية الشتاء (عيد بيلندا) الذي يصادف الجمعة الثانية منه ، أي في 26 / كانون الاول الشرقي. هذا العيد هو احتفال ببداية نثر بذور الزرع المختلفة في كل منطقة حسب ما ينبت فيها او ينجح الزرع فيها، ومن مراسيم هذا العيد :يتم اشعال النيران بنوع معين من الاعشاب الجافة في فناء الدار وذلك في ليلة العيد ويتم القفز فوق النار لثلاث مرات من قبل كافة افراد الاسرة ومن يحتفل معهم من الجيران والاقرباء كما ان الاطفال الصغار غير القادرين على القفز يقوم ذويهم بحملهم و ( امرارهم ) فوق النار لثلاث مرات متتالية ايضا فيما تقوم ربة البيت بنثر الحلوى والزبيب فوق القافزين ويلتقطها الاطفال في صخب وفرح .ومما يذكر بأنه والي الامس القريب كان يتم اشعال النيران على الطرق الزراعية وعلى سطوح المنازل او قرب زرائب الماشية وكان يتم ( امرار ) الثيران من فوق تلك النيران ويسمى هذا الطقس ب ( كوركه كاي ) وهي لفظة مركبة من ( كورك) وتعنى لهيب أو شعلة النار و ( كا ) تعنى الثور ومجمل معنى الكلمة هو ( شعلة لهب الثور) ومن الواضح ان دور الثور في هذه العملية يشير الى رمزية هذا الحيوان وما يمثله من قوة في الاخصاب وان الاستعاضة عنه فيما بعد بالاطفال الذين يجسدون الخصوبة او ينتج عن الخصوبة له المعنى نفسه ، ومن اجل الوقوف عن المعاني الفلسفية لهذا العيد او الطقس كان على الانسان البدائي ان يؤمن على استمرار خصوبة الارض وحفظ البذور سليمة تحت التراب .عيد خدر الياس وخدر النبي ويصادف اول خميس من شهر شباط الشرقي. ويسبق العيد صوم ثلاثة ايام وعلى كل ايزيدي يحمل اسم خضر او الياس ان يصوم هذه الايام الثلاثة ، كما يصوم ذوى حامل الأسمين (خدر والياس). والصيام ليس واجبا على عامة الناس ولكن لاتمنعهم شريعة الأيزدية من اداء الصيام . ومن مراسيم هذا العيد:قبل العيد تقوم العوائل بعمل الـ (قلاتك) والـ (بيخون) وذلك بقلي بعض المحاصيل البذرية كالحنطة والشعير والحمص والسمسم وعباد الشمس.الخ كل على حدا بوضعه في وعاء وقليه على النار ,وهذه تسمى (قلاتك) أما الـ (بيخون) فيتم تحضيره بطحن الحنطة المقلية بواسطة الرحى او الطاحونة .في مساء العيد تضع العوائل ايزيدية نموذجا منها في مكان نظيف ومرتفع اعتقاداً منهم بأن النبي خدرلياس الخالد سيزورهم مساء العيد ويتذوق منه. ويؤكل البيخون بخلطه مع السكر يابسا او بخلطه مع الدبس. اضافة الى عمل نوع خاص من الخبز يسمى (صه وكيت خدلياس). حيث يتفنن الايزيدية في صنعها وذلك بخبزها على شكل قرص الشمس او العكاز او الطيور الداجنة او الحيوانات ألأليفة والدمى ويتم تناوله من قبل العزاب قبل النوم والمتبقي يوزع اثناء العيد. ففي عشية العيد يقوم الشبان والفتيات الغير المتزوجين بتناول القلاتك المالح والبيخون الحلو قبل الرقود في النوم ، ويعتقد الأيزيديون بأن المرء يعطش في النوم ويبحث عن ماء في الرؤية ويصادف شخص من الجنس ألآخر يعطيه ماءاً وان الذي رأى في نومه من الجنس ألأخر سيصبح نصيبه في الزواج المستقبلي. وفي صبيحة العيد يقوم افراد العائلة بقص القليل من خصلة شعرهم و يهنىء افراد العائلة بعضهم البعض ومن ثم الجيران وألأقارب وكالعادة يقدمون القلاتك والبيخون والحلوى ألأخرى للمعيدين اما الشباب فيتبادلون الحديث عن احلامهم والكشف اسرارها. وهذا العيد يختلف عن بقية الأعياد حيث لايجوز نحر الذبائح أو تقديم القرابين لأعتقادهم بخلود النبي خدلياس وعدم الحاجة الى تقديم القرابين لثوابه ولكن يتم تقديم طبيخ مكون من سبعة مواد من المحاصيل الزراعية ومطبوخة بالحليب ويسمى ب (جه رخوس) .

ديندار جيجو..

ليست هناك تعليقات: