بحث هذه المدونة الإلكترونية

تمخض الجبل فولد فأراً


يحكى ان شخصاً كان يجلس عند سفح جبل أجرد لا يوجد عليه شئ وأخذ يتأمله فترة من الزمن عله يجد فيه شيئاً، ولكنه وبعد فترة طويلة جداً من التأمل والانتظار ظهر له فأر من جحره في بطن الجبل. فقيل حينها المثل المعروف ( تمخض الجبل فولد فأراً ).
وكما يقال فان (المثل يضرب و لايقاس), فان قصة هذا المثل تنطبق على قصة تمثيل الاقليات الدينية والعرقية في قانون انتخاب مجالس المحافظات العراقي, فبعد ان صوت مجلس النواب على القانون بعد مد وجزر وبعد طول انتظار, قام المجلس اول الامر بالغاء المادة (50) من القانون والتي كانت تكفل تمثيل الأقليات في مجالس المحافظات, مما اثار غضب واعتراض تلك الاقليات على هذه الخطوة, كذلك عبر ممثل الامين العام للامم المتحدة في العراق والعديد من الجهات الدولية عن عدم ارتياحها ازاء موقف البرلمان العراقي من هذه المسألة, لذلك طلبت هيئة الرئاسة من المجلس اعادة النظر بالقانون بما يتيح للاقليات تمثيلاً في مجالس المحافظات, في الخطوة الثانية قام البرلمان باجراء تعديل على القانون حيث تمت اضافة المادة (52) اليه والتي تقضي بمنح الاقليات حصة في مجالس المحافظات وذلك بواقع مقعد واحد لكل من المسيحيين والصابئة في مجلس محافظة بغداد ومقعد واحد للمسيحيين في مجلس محافظة البصرة ومقعد واحد لكل من المسيحيين والايزيديين والشبك في مجلس محافظة نينوى.

لقد كنا نأمل من مجلس النواب ان ينهي المشكلة ولكن بصيغة اخرى وليس بهذه الصيغة المبتورة. وللأسف الشديد فإن أقل ما يوصف به هذا التعديل، هو انه جاء مخيباً لآمال كافة الأقليات, لانه ان دل على شئ فانما يدل على ان كافة الاعتراضات التي ابدتها كافة الاقليات والجهات الدولية, لم تلق اذاناً صاغية وانما ذهبت سدى, وان ما تفضل به المجلس باعطاءه للأقليات هذا العدد الضئيل من مقاعد ليس الا فتات تعطى لهم لاسكاتهم وللظهور أمام العالم بأن حقوق هذه الاقليات مصونة في العراق الجديد و ليحاول بذلك اصلاح الخطأ السابق .
إن مجلس النواب لم يكن منصفاً ابداً للاقليات في تعديله هذا, وهذا ما يدفعنا الى القول بان المجلس قد اعتاد على أن يأخذ من الاقليات حقوقها بدلاً من أن يعطيها، وإذا اضطرت به الظروف والضغوطات أن يمنح للاقليات حقوقها المشروعة فإنه يبتر هذه الحقوق ويمنحها منقوصة. لان كافة الاقليات الدينية والقومية تستحق ان يكون لها نصيباً في مجالس المحافظات اكثر مما قرره المجلس. فمنح مقعد واحد للإيزيدية , مثلاً, في مجلس محافظة نينوى يعتبر اجحافاً لحقوق هذه الاقلية لان هذه النسبة لا تتناسب مطلقاً مع تعداد الايزيدية نسبة الى تعداد سكان المحافظة, فالايزيدية في العراق يتواجدون في محافظتي نينوى ودهوك, بيد إن غالبيتهم يقطن في الاقضية التابعة ادارياً لمحافظة نينوى وهي اقضية – سنجار و شيخان وتلكيف – حيث يبلغ تعدادهم في المحافظة قرابة 500 الف نسمة , لذلك فان منح الايزيدية مقعد واحد من بين 37 مقعداً من مقاعد مجلس محافظة نينوى يعتبر اجحافاً وظلماً واضحا لحقوق الايزيدية. فاذا لم يكن للايزيدية حق المطالبة بعدد منصف من المقاعد في محافظتي نينوى ودهوك ففي اي محافظة عراقية اخرى سيكون لهم هذا الحق.
اننا نرفع اصواتنا عالية الى جميع هيئات السلطة في العراق والى جميع المؤسسات والمنظمات المعنية بحقوق الانسان المحلية والدولية لكي تطالب مجلس النواب العراقي باستصدار قانون جديد لانتخابات مجالس المحافظات تراعى فيه حقوق الايزيدية وكافة الاقليات بشكل عادل, وان يحترم مجلس النواب كافة المواثيق الدولية لحقوق الانسان عند اقرار أي قانون في المنظومة التشريعية العراقية, وان تنتهي هذه النظرة الطائفية والعنصرية للاقليات العراقية لاننا ابناء بلد واحد ونحن شركاء في هذا البلد ولنا حقوق مساوية لحقوق الشرائح والطوائف الاخرى.
نتمنى أن يتدارك المجلس هذا الموضوع الخطير الذي يمس سمعة العراق في العالم المتحضر وأن يحرص شديد الحرص على سمعته, لان هذا الموضوع قد اصبح حديث الشارع العراقي والعالمي على حد سواء.

الحقوقي ديندار جيجو شيخاني
كاتب وناشط في مجال حقوق الانسان والمجتمع المدني
 
esvni2@hotmail.com


www.dindar2008.blogspot.com

السويد – لاندسكرونا
07-11-2008

ليست هناك تعليقات: