بحث هذه المدونة الإلكترونية

محاضرة بعنوان الايزيدية ... تاريخ ومعاناة

بتأريخ 14 / 11 / 2008 اقامت الجمعية الثقافية العراقية في مدينة مالمو السويدية امسية ثقافية عن الاطياف العراقية . تضمنت اربع محاور :
1- السيدة خلود اوراهم : تحدثت عن لمحات من تأريخ الشعب الآشوري الكلداني السرياني في العراق , وما تعرضوا له , من جور واضطهاد .
2- الاديب فاضل ناصر كركوكلي: قدم نبذة مختصرة عن القومية التركمانية وتأثيرها في الثقافة العراقية من خلال اعلام وكواكب ثقافية عراقية تركمانية.
3- الحقوقي ديندار جيجو شيخاني : قدم نبذة مختصرة عن تسمية الايزيدية وقدم هذه الديانة , ثم تحدث عن تاريخ الايزيديين في العراق و ما لحق بهم من جور وظلم والغاء وتهميش في العقود السابقة والوقت الحالي من قبل الأنظمة التي تعاقبت على حكم العراق.
4- السيد لعيبي خلف : تحدث هو الآخر عن تأريخ المندائيين وارتباطهم بأرورك العشق ,, وطناَ وتأريخ ,مستشهدا بالكثير من اعلام السياسة والشهداء والمفكرون وارتباطهم بالاخوة مع اخوتهم من الاعراق والاديان الاخرى.

وادناه نص المحاضرة التي القيت من قبلنا في تلك الامسية الثقافية .

الايزيدية .... تاريخ ومعاناة

المقدمة في البدء أود ان اشير بنبذة مختصرة الى:
1- التسمية : (أيزيدية أم يزيدية)اختلف من كتب عن الايزيدية حول اطلاق التسمية عليهم , فمن الكتٌاب من يسميهم (اليزيدية) وقد استندوا في ذلك على عدة أمور , فمنهم من يطلق هذه التسمية نسبة الى الخليفة الاموي (يزيد بن معاوية) أو الى مدينة (يزد). هذه التسمية نسبة الى هذه الحجج والذرائع هي تسمية خاطئة ولا اساس لها من الصحة, لاننا لم نقرأ في كتب التاريخ بأن الخليفة (يزيد بن معاوية) قد أسس مذهباً أو ديانة طيلة فترة حياته أو خلافته , أما بالنسبة لمدينة (يزد) فليس للايزيدية علاقة بها لا من قريب ولا من بعيد. لقد تم الصاق تسمية (اليزيدية) بالايزيديين عمداً وقصداً من قبل بعض الكتٌاب والباحثين العروبين والفاشيين لكي يثبوا بها مزاعمهم بأن الايزيدية هم (عرب) القومية وليطعنوا في قدم ديانتهم, ومن الكتٌاب مَن يطلق هذه التسمية دون قصد ولسهولة اللفظ . التسمية الصحيحة إذن هي الايزيدية وليس اليزيدية وهي تكتب باللهجة الكرمانجية (ئيزدى) وهي مشتقة من اسم (ئيزي) أو ( يى ئه ز دايم ) والتي تعني (الله) أو (الخالق). فلفظة الايزيدية تعني إذن (الناس الذين يعبدون الله) وقد اكتشف الاثاري والمؤرخ الالماني (نابو) وهو خبير بالاثار واللغات القديمة السومرية والبابلية والاشورية، اكتشف مؤخرا بأن كلمة ايزيدي مكتوبة بالخط المسماري منذ العهد السومري، وهي تتكون من ثلاث مقاطع ( ئى زي دي ) والتي تعني الذين يسيرون على الطريق الصحيح ، او الروح الخيرة والغير ملوثة او الخيرين، وهذا يدل دلالة واضحة ان الايزيدية من الديانات القديمة جدا في منطقة الحضارات العظمى في الشرق.

2- الايزيدية ديانة قديمة :
الديانة الايزيدية واحدة من اقدم ديانات بلاد وادي الرافدين (ميسوبوتاميا) القديمة المتميزة بخصوبة انتاج الديانات كاالسومرية والاكدية والبابلية والاشورية والكلدانية والتي لها علاقات متعددة الجوانب مع الديانة الايزيدية تؤكدها بعض الطقوس والاعياد والاحتفالات الموجودة لدى الايزيدية. فللايزيدية عدة أعياد موزعة على فصول السنة الاربع , نذكر هنا اهمها, ففي الشتاء هناك عيد الصوم وفي الربيع هناك عيد رأس السنة ( سه ر سال ) وفي الصيف عيد مربعانية الصيف وفي الخريف عيد (جما). ولكل واحدة من هذه الاعياد تاريخ محدد ولها معاني ومدلولات خاصة بها ولكل منها طقوس وممارسات ذات معاني ترتبط بالعيد وأسبابه ومناسبة حدوثه ، وان اغلب هذه الاعياد لها علاقة بالزراعة والمواسم الزراعية. وللايزيدية ايضا عدة كرنفالات اخرى تسمى بـ(الطوافات ) تقام في معظم القرى الايزيدية. ان احتفال الايزيديين بأول يوم اربعاء من شهر نيسان حسب التقويم الشرقي ( الذي يتأخر 13 يوماً عن التقويم الميلادي) من كل عام باعتباره عيد رأس السنة الايزيدية يذكرنا باحتفالات البابليين باليوم الاول من نيسان باعتباره رأس السنة البابلية, ويتضح من هذا ان يوم الاربعاء هو يوم مقدس لدى الايزيديين والبابليين باعتباره يوم زواج الالهة عند البابليين، وعلى هذا الاساس فان الايزيدية تحرم الزواج في هذا الشهر. كما ان التعمق في تحليل وتفسير مراسيم عيد ( الجما ) تبين عمق العلاقة بين طقس ( القاباغ ) وما ورد في ملحمة كلكامش التاريخية, تتضمن مراسيم طقس ( القاباغ ) جلب الثور من معبد لالش ( كًاي كوش) الى معبد شيخ شمس وذبحه هناك وطبخ لحمه في طبخة (السماط) المقدسة لكي يتبرك من يتناولها. لينتهي بذلك القحط والجفاف الذي يعاني منه الخلق طيلة فصل الخريف الاصفر . ولتعاد الحياة الى الطبيعة ثانية بامطار الشتاء. كما إن للايزيدية العديد من الادعية والأقوال والتراتيل الدينية التي تبين وتؤكد بصورة واضحة لا لبس فيها ان الايزيديين يوحدون الله سبحانه وتعالى ولا يشركون به ولا يؤمنون بوجود ملاك بدرجته. إذ آمنت الايزيدية بوحدانية الله وحافظت على تعاليمها الدينية نقلا جيلا بعد جيل إلى يومنا هذا.

معاناة الايزيدية عبر التاريختاريخ الايزيديين حافل بالمآسي والكوارث, فقد تعرضوا الى الكثير من الظلم والاضطهاد وحملات الابادة الجماعية التي بلغت 72 حملة ابادة سميت بـ (الفرمانات) على امتداد حقب وقرون تاريخية متعاقبة جيلا بعد جيل, كما تعرضت ديانتهم الى العديد من الافتراءات التحريضية المتعددة الذرائع والحجج وبشكل متواصل على امتداد صفحات التاريخ, ولا يسع المجال هنا لذكر جميع هذه الاضطهادات والمعاناة, اذ لا تتسع صفحات او كتب لوصف حجم المآسي والجرائم التي ارتكبت بحق الايزيديين, مثلما عكس اتباع هذه الديانة الصمود والتحدي والاصرار طوال هذه المدة الضاربة عمقا في التاريخ البشري.
لقد تعرضت الديانة الى الظلم والتشويه والافتراء والارهاب الفكري والديني ,وما ذكرناه اعلاه حول محاولة البعض تشويه تسميتهم من (الايزيدية) الى (اليزيدية) هي ابسط دليل على ذلك, ولم يتوقف الامر على ذلك بل وصل الى حد وصفهم بأنهم ( فرقة اسلامية منشقة) وإنهم من (المرتدين) بالتالي فقد صدرت بحقهم فتاوى بالقتل وتحريم التعامل معهم ... الخ.
ان شراسة هذه الحملة ضد هذه الديانة التوحيدية ولفترات ومراحل تاريخية متعاقبة, ادى بها الى ان يقل عدد معتنقيها يوماً بعد يوم بسبب حملات الابادة الجماعية التي تعرضوا لها , كما ادى ذلك الى انغلاق الديانة على نفسها وبالتالي عدم التيسر في الاطلاع والمعرفة باصولها وتعاليمها وطقوسها فضلا عن اختفاء الاثر المكتوب حيث اعتمدت الديانة على الشفاهة في النقل والحفظ على الصدر خوفا من البطش في حالة وقوع اي نصوص كتابية بأيدي المناهضين الاعداء الذين يحرفونها ويعبئون العامة لشن الحملات عليهم لارغامهم على التخلي عن دينهم, وقد لعبت الظروف الموضوعية المتمثلة باجراءات القمع والتنكيل والمطاردة الى جانب استمرار الايزيديين بمواصلة مسيرة الانغلاق التام دورا كبيرا في اكتناف هذه الديانة مزيدا من الغموض وتكريسه على ارض الواقع.
تعد الديانة الايزيدية واحدة من الديانات التي واجهت مواقف عنجهية صارمة حيث يجد المتتبع لاثارهم ان سيلا من الكتاب من مختلف الديانات اسهمت بقسط وافر في حملات التشويه والتشهير بحقهم وصلت الى درجة نعتهم بأبشع الصفات والتسميات.
ولا انكر هنا بأن هناك العديد من الكتاب الافاضل الذين كتبوا عن الايزيدية بكل موضوعية وانصفوهم في كتاباتهم, واخص بها بالذكر احد ابرز الكتًاب وهو حاضر معنا في هذه القاعة وهو القاضي والكاتب (زهير كاظم عبود) وهو من كتب بكل حيادية وموضوعية عن الايزيدية.

تواجد الايزيديين
يعيش الايزيدية في العديد من دول العالم كـ( العراق – سوريا – تركيا – أرمينيا) بالإضافة إلى وجود جالية ايزيدية كبيرة في العديد من الدول الأوربية, ومنها السويد. ورغم عدم وجود إحصائية دقيقة لعدد الايزيديين في العالم, فإن تعدادهم في العراق يبلغ حوالي ( 700000) نسمة, ويعتبر شمال العراق مركز تواجد الايزيدية, حيث يتمركز الايزيدية في اقضية ( سنجار – الشيخان – تلكيف ) وناحية بعشيقة وبحزاني التابعة لمحافظة نينوى, اضافة الى مناطق (شاريا – خانك - ديربون) التابعة الى محافظة دهوك. ويوجد مقر الامارة الايزيدية في (عين سفني ) 45 كم شمال مدينة الموصل وهي مركز قضاء الشيخان الذي يقع فيه المعبد الرئيسي للايزيدية ( معبد لالش ) 12 كم شمال عين سفني.

معاناة الايزيدية في العراق
المعروف بان العراق بلد متعدد القوميات والاديان حيث توجد فيه قوميات عديدة (عربية ، كوردية ،تركمانية - كلدواشورية- الشبك ... الخ ). وتوجد فيه ديانات متعددة (الاسلام - المسيحية –الايزيدية - الصابئة المندائيين - الكاكائية ....الخ ) ولا يختلف اثنان على ان الاقليات القومية والدينية قد عانت من التمييز والاضطهاد على يد النظام المقبور ، وعندما نتحدث عن اضطهاد الاقليات في العراق فهذا لا يعني ان الفئات الاخرى من الشعب العراقي لم تعاني من الظلم والاضطهاد ،بل ان جميع العراقيين قد عانوا من انتهاك حقوقهم بشكل سافر من قبل النظام. بيد ان للاقليات القومية والدينية خصوصياتها القومية والدينية وكما اشارت الى ذلك الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الاقليات، وقد حرمها النظام من التمتع بعذع الحقوق ..
و الايزيدية (كاحدى الاقليات الدينية الموجودة في العراق) فقد عانت من شتى انواع سياسات التمييز والتفرقة العنصرية والقمع والاضطهاد والابادة بسبب الانتماء القومي تارة وبسبب الانتماء الديني تارة اخرى وكانت تفرض على الايزيدية التزامات وواجبات دون ان يكون لهم حقوق فقد حرموا من كافة حقوقهم القومية والدينية والثقافية والسياسية.
لقد انتهج الحكومات المتعاقبة في العراق سياسة شعواء بحق الايزيدية تمثلت بسياسة التعريب لتجريدهم من هويتهم القومية وطمس معالم قوميتهم وديانتهم، ففي منطقة قضاء الشيخان مثلاً بدأت عملية التعريب في بداية الخمسينات حيث تم تعريب اغلب القرى الى ان وصل في نهايته الى تعريب جميع مناطق قضاء الشيخان في العام 1975 ومن ثم تم الاستيلاء على القرى وممتلكات اهالي قضاء الشيخان, وقام النظام البائد بترحيل الايزيديين قسراً من قراهم ومناطق سكناهم الاصلية وتم اسكانهم في مجمعات قسرية محرومين من ارض ابائهم واجدادهم، محرومين من الخدمات وهذه المجمعات كانت عبارة عن سجن كبير و تم توطين بعض العشائر العربية محلهم وتم تسمية هذه المجمعات باسماء عربية حتى ان الايزيدي كان يستأجر ارضه وملكه السابق من غيره وبقى الايزيدية محرومين من الانتفاع بارضهم واملاكهم طيلة اكثر من (35 ) سنة وحتى في التعداد السكاني منع على الايزيديين كتابة قوميتهم الحقيقية. ووقع عليهم اضطهاد آخر من الناحية الدينية فقد حرموا من حقوقهم الدينية وحقهم في تعليم وتدريس دين ابائهم واجدادهم ومنع نشر أي كتاب يشير الى هويتهم الحقيقية.
راح الكثير من الايزيديين ضحية سياسة التعريب وعمليات الانفال السيئة الصيت وتعرضوا الى السجن والاعدام لانهم عارضوا هذه السياسات ورفضوا التنازل عن حقوقهم وقاوموا النظام وانضموا الى صفوف (البيشمركه) وانخرطوا في صفوف المعارضة وقدموا التضحيات والعديد من الشهداء, اذكر هنا ابرزهم ( الشهيد محمود ايزيدي) و (الشهيد حسين بابا شيخ).
بعد زوال النظام الصدامي عن صدور العراقيين ، استبشرنا خيراً آملين ان تعيد القوة الخيرة في العراق الجديد بنائه على اسس وقواعد ديمقراطية تصون حقوق العراقيين بكل اطيافه وتعيد لهم حقوقهم التي صادرها النظام المقبور ويرفع عنهم الظلم الذي طالما عانوا منه, وان يستعيد الشعب العراقي بكافة فئاته لحقوقه المشروعة وتعويضه عن الخسائر التي لحقت به طيلة العقود المنصرمة، ليكون العراق الجديد بلد العراقيين جميعاً وان تصان الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية والمدنية والاقتصادية للعراقيين كافة ولجميع الاقليات القومية والدينيةً دون تمييز بسبب القومية او الدين او أي سبب آخر.

ولكن ماذا حصل للايزيدية ؟؟الذي حصل هو ان الايزيديون في العراق اصبحوا مهددين بالانقراض, حيث يتعرضون يوميا إلى التهديدات والخطف والقتل الفردي والجماعي والمخاطر والكوارث الجمة في مناطق تواجدهم والمناطق الأخرى من العراقةصدر بحقهم فتاوى التكفير والتحريض على قتلهم, وعلى سبيل المثال لا الحصر, بتاريخ 14/8/2007 تعرضت مناطق ( تل عزير و سيبا شيخ خدرى) في قضاء سنجار إلى كارثة إنسانية عندما ارتكب الإرهابيون جريمة فظيعة بحق الإنسانية وبحق سكان هذه المنطقة المسالمين ليس لسبب سوى إنهم ايزيديون, عندما قام المجرمون باستعمال أبشع وسائل القتل الجماعي تمثلت بأربع جرائم سوداء بشعة دفعة واحدة وقد استخدم الإرهابيون أربع شاحنات محملة بالمتفجرات وقد راح ضحية هذا التفجيرات الإجرامية, قرابة (800) من الناس الأبرياء (الأطفال والشيوخ والنساء والشباب) إضافة إلى المئات من الجرحى, بل إن عوائل كاملة محيت من الوجود وتهدمت البيوت فوق رؤوس أصحابها وهي في الغالب بيوت الناس الفقراء والمعوزين والكادحين. وفي شهر نيسان 2007 قام الإرهابيون بقتل 24 مواطناً ايزيدياً من عمال الغزل والنسيج حين عودتهم إلى مدينتهم بعد أن أنزلوا من الحافلة التي استقلوها وقتلوا جميعاً في الموصل, وربما شاهد الكثيرون تلك الفاجعة الأليمة في وسائل الإعلام المختلفة, , بالإضافة إلى العديد من الجرائم الأخرى التي ارتكبها ويرتكبها الإرهابيون بحق الايزيدية , هذا من ناحية . ومن ناحية اخرى لو تمعنا النظر بالاحداث السياسية التي تجري في العراق بعد سقوط النظام الصدامي ولحد الان , نلاحظ وجود تهميش واضح ومتعمد لحقوق هذه الشريحة السكانية, ففي عام 2004 وفي أول برلمان عراقي منتخب ( الجمعية الوطنية ) كان للايزيدية ثلاثة مقاعد نيابية ضمن قائمة التحالف الكردستاني وفي عهد حكومة الدكتور اياد علاوي وهي أول تشكيلة وزارية عراقية كان للايزيدية مقعد وزاري ( وزارة بدون حقيبة ) وهي وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني شغلها الدكتور ممو فرحان عثمان, وقد عملت في تلك الوزارة حيث كان عدد موظفيها لا يتجاوز العشرة ولم يستمر الوزير الايزيدي في عمله اكثر من عشرة اشهر, وعند تشكيل حكومة الدكتور ابراهيم الجعفري خسر الايزيدية وزارتهم البسيطة, عندما رأت الاطراف السياسية اللاعبة على الساحة السياسية بأن تلك المقاعد النيابية وذلك المقعد الوزاري كثير على الايزيدية وإنهم لايستحقونها, لذلك فقد سحبت منهم كل تلك المقاعد في التشكيلات النيابية والوزارية اللاحقة التي تمت في عامي 2005 و2006, عدا مقعد واحد للحركة الايزيدية وفيما بعد اي في عام 2007 تم ادخال عضو ايزيدي اخر في البرلمان ضمن قائمة التحالف الكردستاني. اضافة الى انه لم تمنح لأي شخص ايزيدي اي من الدرجات الخاصة (درجة وكيل وزير) أو (درجة مدير عام) في الحكومة المركزية ويبدو ان هذه المناصب والدرجات محرمة على الايزيدية ولا يجوز لهم الحديث عنها, وكاننا لسنا من هذا الشعب وليس لنا حق المطالبة بها. اما في اقليم كردستان فهناك ثلاثة مقاعد نيابية ايزيدية في البرلمان الكردستاني ووزارة واحدة في حكومة الاقليم و مؤخرا اصبحت وزارتين وهي جميعها وزارات اقليم اي (وزارات بدون حقيبة) اضافة الى بعض الدرجات الخاصة رغم إن هذه المناصب والدرجات لاتتناسب مع تعداد الايزيدية.
وبما أن المجالس الثلاث المهمة في الدولة وهي ( مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء ومجلس النواب ) قد تم تشكيلها على اساس التوافق والمحاصصة بين الكتل السياسية وشرائح المجتمع بقومياته وطوائفه المختلفة وعلى اساس الاستحقاق الانتخابي والاستحقاق الوطني, فإن من حقنا أن نتسآل أين هو الاستحقاق الانتخابي وأين هو الاستحقاق الوطني للايزيدية إذا علمنا بأن تعدادهم يبلغ نحو 700 الف نسمة ؟ واين هي حقوق المواطنة .. ألا يوجد بين الايزيديين اشخاص اكفاء مؤهلين لتلقد هذه المناصب ؟ أليس من حقنا أن نطالب بأن يكون لنا حقوق أسوة ببقية شرائح المجتمع العراقي عملاً بمبدا المساواة في الحقوق والواجبات الذي نص عليه الدستور العراقي الدائم و كافة مواثيق حقوق الانسان؟ ورغم كل ذلك التهميش والاجحاف بحق الايزيدية فإن مسلسل تهميش حقوق الايزيدية مستمر ليمتد هذه المرة الى مجالس المحافظات والاقضية والنواحي, فقد رأت الكتل السياسية في مجلس النواب بأن منح الاقليات العراقية نسبة من المقاعد في مجالس المحافظات هو أمر لايليق بهم ولا يستحقونه, فقد قام المجلس اول الامر بالغاء المادة (50) من القانون والتي كانت تكفل تمثيل الأقليات في مجالس المحافظات, مما اثار غضب واعتراض تلك الاقليات على هذه الخطوة, كذلك عبر ممثل الامين العام للامم المتحدة في العراق والعديد من الجهات الدولية عن عدم ارتياحها ازاء موقف البرلمان العراقي من هذه المسألة, لذلك طلبت هيئة الرئاسة من المجلس اعادة النظر بالقانون بما يتيح للاقليات تمثيلاً في مجالس المحافظات, في الخطوة الثانية قام البرلمان باجراء تعديل على القانون حيث تمت اضافة المادة (52) اليه والتي تقضي بمنح الاقليات حصة في مجالس المحافظات وذلك بواقع مقعد واحد لكل من المسيحيين والصابئة في مجلس محافظة بغداد ومقعد واحد للمسيحيين في مجلس محافظة البصرة ومقعد واحد لكل من المسيحيين والايزيديين والشبك في مجلس محافظة نينوى.لقد كنا نأمل من مجلس النواب ان ينهي المشكلة ولكن بصيغة اخرى وليس بهذه الصيغة المبتورة. وللأسف الشديد فإن أقل ما يوصف به هذا التعديل، هو انه جاء مخيباً لآمال كافة الأقليات, لانه ان دل على شئ فانما يدل على ان كافة الاعتراضات التي ابدتها كافة الاقليات والجهات الدولية, لم تلق اذاناً صاغية وانما ذهبت سدى, وان ما تفضل به المجلس باعطاءه للأقليات هذا العدد الضئيل من مقاعد ليس الا فتات تعطى لهم لاسكاتهم وللظهور أمام العالم بأن حقوق هذه الاقليات مصونة في العراق الجديد و ليحاول بذلك اصلاح الخطأ السابق .إن مجلس النواب لم يكن منصفاً ابداً للاقليات في تعديله هذا, وهذا ما يدفعنا الى القول بان المجلس قد اعتاد على أن يأخذ من الاقليات حقوقها بدلاً من أن يعطيها، وإذا اضطرت به الظروف والضغوطات أن يمنح للاقليات حقوقها المشروعة فإنه يبتر هذه الحقوق ويمنحها منقوصة. لان كافة الاقليات الدينية والقومية تستحق ان يكون لها نصيباً في مجالس المحافظات اكثر مما قرره المجلس. فمنح مقعد واحد للإيزيدية , مثلاً, في مجلس محافظة نينوى يعتبر اجحافاً لحقوق هذه الاقلية لان هذه النسبة لا تتناسب مطلقاً مع تعداد الايزيدية نسبة الى تعداد سكان المحافظة, وكما ذكرنا سابقاً فان الايزيدية في العراق يتواجدون في محافظتي نينوى ودهوك, بيد إن غالبيتهم يقطن في الاقضية التابعة ادارياً لمحافظة نينوى حيث يبلغ تعدادهم في المحافظة قرابة 500 الف نسمة , لذلك فان منح الايزيدية مقعد واحد من بين 37 مقعداً من مقاعد مجلس محافظة نينوى يعتبر اجحافاً وظلماً واضحا لحقوق الايزيدية. فاذا لم يكن للايزيدية حق المطالبة بعدد منصف من المقاعد في محافظتي نينوى ودهوك ففي اي محافظة عراقية اخرى سيكون لهم هذا الحق.
اننا نرفع اصواتنا عالية الى جميع هيئات السلطة في العراق والى جميع المؤسسات والمنظمات المعنية بحقوق الانسان المحلية والدولية لكي تراعى حقوق الايزيدية وكافة الاقليات في العراق بشكل عادل, وان يتم احترام كافة المواثيق الدولية لحقوق الانسان عند اقرار أي قانون في المنظومة التشريعية العراقية, وان تنتهي هذه النظرة الطائفية والعنصرية للاقليات العراقية لاننا ابناء بلد واحد ونحن شركاء في هذا البلد .

الحقوقي : ديندار جيجو شيخاني
 esvni2@hotmail.com
www.dindar2008.blogspot.com

ليست هناك تعليقات: