بحث هذه المدونة الإلكترونية

الشمس لا تخفى بغربال


09-10-2004
لا يختلف اثنان على ان الشعب العراقي بجميع فئاته واطيافه ذاق الأمرّين طيلة حكم الطاغية صدام والايزيدية هي احدى هذه الفئات التي ذاقت هذه المرارة وعانت من النظام السابق ، ورغم ذلك يتجرأ احد ( الكُتاب ) ويقول : (ان الدارس المنصف للمجتمع العراقي يجد كافة الاقليات العرقية تمتعوا بمزايا وحقوق في ظل النظام السابق وما دراسة الايزيدية الا خير دليل على ذلك) . ولم يرق له ان يعتبر الايزيدية ممن ذاقوا الأمرّين في عهد صدام ويصعب عليه الاعتراف بان حقوق الايزيدية كانت مهمشة ومهضومة ووصل به الامر الى القول بان ( اكثر من استفادوا من النظام السابق هم الايزيدية وكل من يقول العكس عليه إثبات قوله). وللرد على هذا نقول : يبدو ان كاتب هذه العبارات لم يعش في العراق او انه لم يعش على الكرة الارضية حتى ، بل ربما اتى من كوكب آخر ، ويبدو ان ما عاناه الايزيدية من النظام السابق لم يشف غليله بل انه اراد ان يقوم صدام بمسح الايزيدية من على الكرة الارضية لكي يثبت له عكس اقواله. لا تتسع صفحات او كتب لوصف حجم المعاناة والمآسي والجرائم التي ارتكبت بحق الايزيديين طيلة حكم صدام لذلك سنختصر ذلك في هذه السطور : لقد عانى الايزيدية من انواع شتى من سياسات التمييز والتفرقة العنصرية والقمع والاضطهاد والابادة بسبب انتمائهم القومي كونهم كورد وبسبب انتمائهم الديني كونهم ايزيدية وكانت تفرض عليهم التزامات وواجبات دون ان يكون لهم حقوق فقد حرموا من حقوقهم القومية والدينية والثقافية والسياسية. فقد انتهج النظام السابق سياسة التعريب بحق الايزيدية لتجريدهم من هويتهم القومية وطمس معالم قوميتهم ، فقام النظام بترحيل الايزيديين قسراً من قراهم ومناطق سكناهم الاصلية وتم اسكانهم في مجمعات قسرية محرومين من ارض ابائهم واجدادهم، محرومين من الخدمات وهذه المجمعات كانت عبارة عن سجن كبير و تم توطين العرب محلهم وتم تسمية هذه المجمعات باسماء عربية حتى ان الايزيدي كان يستأجر ارضه من غيره وبقى الايزيدية محرومين من الانتفاع بارضهم واملاكهم طيلة اكثر من (35 ) سنة وحتى في التعداد السكاني منع على الايزيديين كتابة قوميتهم الحقيقية. ووقع عليهم اضطهاد آخر من الناحية الدينية فقد حرموا من حقوقهم الدينية وحقهم في تعليم وتدريس دين ابائهم واجدادهم او في ممارسة طقوسهم الدينية . ويبدو ان صاحبنا لم يطلع على الاحصائيات عن عدد الايزيديين الذين ذهبوا ضحايا سياسة التعريب وعمليات الانفال السيئة الصيت واعداد الايزيديين الذين سجنوا واعدموا لانهم عارضوا هذه السياسات ورفضوا التنازل عن حقوقهم وقاوموا النظام وانضموا الى صفوف( البيشمركه) وانخرطوا في صفوف المعارضة . ان هناك شهادات ووثائق تثبت ذلك فهل هناك دليل اقوى من ذلك ، وفي النهاية نقول: ماذا جنى الايزيديين من النظام السابق غير القتل والقمع والاضطهاد ، وهل ان ترديد مثل هذه العبارات هو انصاف بحق المجتمع وبحق الايزيدية ،ان تلك العبارات تفتقر الى الموضوعية والانصاف وان صاحبها يريد تلفيق الحقائق لاعتبارات معينة وهو كمن يحاول اخفاء الشمس بغربال .
الحقوقي ديندار شيخاني
كاتب وناشط في مجال حقوق الانسان والمجتمع المدني

ليست هناك تعليقات: