بحث هذه المدونة الإلكترونية

دور منظمات المجتمع المدني في الرعاية الاجتماعية



ديندار شيخانيesvni2@hotmail.com
22-01-2006

تتناول البحوث والدراسات وبعض التحقيقات الصحفية التي تنشر في وسائل الاعلام المختلفة، وجود بعض الظواهر الاجتماعية السلبية في المجتمع الكوردستاني مثل ظاهرة (التسول) وآثار تلك الظواهر على المجتمع، ومحاولة ايجاد حلول مناسبة لها، فما هو دور منظمات المجتمع المدني في هذا المجال ؟
تعاني معظم مجتمعات العالم، وحتى المتقدمة منها وبنسب متفاوتة، من وجود هذه الظواهر السلبية فيها، وتختلف طبيعة كل مجتمع عن غيره من المجتمعات وتبعاً لذلك تختلف اسباب هذه الظواهر من مجتمع الى آخر، وتحاول المجتمعات بكافة قطاعاتها ايجاد الحلول لتلك الظواهر والمشاكل، ومن بين هذه القطاعات هو قطاع المجتمع المدني، حيث تلعب منظمات المجتمع المدني في العديد من دول العالم دوراً بارزاً في محاولة التقليل او القضاء على هذه الظواهر. في اليابان مثلاً هناك العديد من المنظمات التي تهتم بقضايا الرعاية الاجتماعية ( الاهتمام بالمشردين والمعاقين عقلياً وغيرهم)، حيث يحتل هذا المجال المرتبة الاولى في الانشطة التي تقوم بها المنظمات غير الربحية في معظم المحافظات اليابانية.
عند زيارتنا لبعض المنظمات غير الربحية اليابانية التي تهتم بالرعاية الاجتماعية ومنها منظمة ( فوروساتو) التي تهتم بالمشردين في حي ( سانيا )، وهو احد الاحياء الفقيرة في العاصمة طوكيو، وجدنا بان نشاطهم في البداية كان يشمل تقديم المساعدات الغذائية للمشردين وعندما لم يجدوا أي تحسن او تطور في حالتهم، قاموا بمساعدة المشردين واخذهم الى المكاتب الرسمية حتى يمكنهم استلام المساعدات المالية لحماية حياتهم، ثم قاموا بفتح العديد من مراكز مساعدة وتأهيل المشردين. تتضمن هذه المراكز ( منشآت للسكن (المؤقتة والدائمية) ومراكز لايجاد فرص العمل.
في البداية يتم اسكانهم في مراكز السكن المؤقتة، حيث يتم تدريبهم وذلك لاعادة الثقة الى انفسهم لان العديد منهم يعاني من مشاكل نفسية وجسدية وتتم رعايتهم ومتابعتهم لتمكينهم من السكن كمستقلين والاعتماد على انفسهم. بعد اسكان المشردين يتم العمل على ايجاد فرص عمل لهم، وكخطوة اولى يتم تشغيلهم في اعمال التنظيف وغيرها في نفس منشآت السكن هذه، الى ان يتم ايجاد فرص عمل لهم من قبل المنظمة. وبعده يتم اسكانهم في شقق سكنية دائمية، حيث توفر محافظة طوكيو هذه الشقق وتقوم المنظمة بادارتها وتأجيرها للمشردين ببدلات ايجار رمزية بعد توفيرعقود العمل لديهم لمدة لاتقل عن نصف سنة.
ان عمل المنظمات غير الربحية لايتوقف بمجرد ايجاد السكن وايجاد فرص العمل لهؤلاء، بل ان كادر المنظمة يقومون بزيارة هؤلاء سواء في اماكن السكن أو اماكن العمل للأطمئنان على حالتهم ومتابعتها باستمرار لانهم بحاجة الى عناية مستمرة. وفي سبيل تقوية العلاقات الاجتماعية واعادة هؤلاء المشردين الى المجتمع، فانه تم فتح دار الاستراحة لهم، وهذه الدار للاستراحة فقط وليس للسكن، لكن يمكن ان تقدم اليهم بعض الاستشارات الصحية والنفسية من قبل اخصائيين في هذا المجال.
ومن المهام الاخرى للمنظمة هو البحث عن المشردين واخبارهم واعلامهم بوجود مثل مراكز الرعاية هذه كي يتحولوا اليها، وبالفعل فقد استفاد من هذه العملية العديد من المشردين والذين كانوا يتخذون من الحدائق العامة والازقة كمأوى لهم، فالحدائق العامة هي مكان يرتاد اليه الناس للراحة وبالتأكيد فان تسكع ووجود المشردين فيها يعكر من صفو الحدائق ويؤثر على نظافتها، كما ان اتخاذهم للشوارع والأزقة والحدائق العامة مأوى لهم، يتنافى مع حقوق الانسان وحق هؤلاء في الحياة الحرة الكريمة، كما انها ظاهرة غير حضارية ولها آثار اجتماعية عديدة، فعادة ما يلجأ المشردين الى الانتحار عندما تنقطع امامهم سبل الحياة والمعيشة، وهذه بالتأكيد ظواهر اجتماعية سلبية في المجتمع، لذلك يقع على عاتق منظمات المجتمع المدني العمل على القضاء عليها..
نأمل من منظمات المجتمع المدني عندنا ان تلتفت الى شريحة ( المتسولين والمعوقين عقلياً وغيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة) وتعمل على توظيف قدراتها في مجال رعايتهم والاهتمام بهم، واذا لم يكن باستطاعة المنظمات وحدها القيام بهذه النشاطات بالنظر لعدم توفر الامكانيات المالية - وكما سبق وان أشرنا الى ذلك في مقالة لنا نشرت في ص (4) - العدد (124) من جريدة ( ئه فرو)- دهوك - فان على الحكومة ان تدعم عمل منظمات المجتمع المدني في كافة المجالات وخصوصاً في مجال الرعاية الاجتماعية.

ليست هناك تعليقات: